أعلن مهدي أميدوار، المتحدث الرسمي وعضو غرفة التجارة الإيرانية، عن إطلاق نظام "سبتام" لمراقبة الأماكن العامة، عبر ربط كاميرات مراقبة المتاجر الخاصة بخوادم سحابية تابعة لشركة الاتصالات، مما يمكّن الشرطة من الوصول إلى المعلومات المسجلة.
وبموجب هذا النظام، سيتم ربط 39 قطاعًا عاما وحوالي 280 قطاعًا فرعيا، بما في ذلك محال الذهب والمطاعم، عبر البوابة الوطنية للتراخيص بنظام الشرطة. وأوضح أميدوار أن هذا النظام تم إنشاؤه بمساعدة "القطاع الخاص" وبالتعاون مع البوابة الوطنية للتراخيص وشرطة مراقبة الأماكن العامة.
ووفقًا للتقارير المنشورة، يتعين على جميع المحال التجارية، ورواد الأعمال في القطاع الخاص، وحتى المؤسسات الحكومية وغير الحكومية التسجيل في هذا النظام والحصول على الموافقة.
أمن أم قمع؟
ولم تُنشر حتى الآن تفاصيل دقيقة حول كيفية عمل هذا النظام، لكن من غير المحتمل أن تمتنع الأجهزة الأمنية عن استخدام كاميرات المراقبة الخاصة بالمتاجر، والمطاعم، وحتى المنازل للوصول إلى المحتجين السياسيين أو المعارضين للحجاب الإجباري.
وسبق أن تحدث أحمد رضا رادان، قائد الأمن الداخلي الإيراني، عن استخدام كاميرات التعرف على الوجوه في إطار قانون العفة والحجاب في 8 أبريل (نيسان) 2023، قائلاً: "نستخدم التكنولوجيا الذكية لتسجيل المخالفات".
وفي مسيرة يوم القدس بتاريخ 14 أبريل (نيسان)، أكد أن "هذه الكاميرات لن ترتكب أي خطأ".
وعلى مدى السنوات الماضية، لعبت كاميرات المراقبة الأمنية في المدن دورًا كبيرًا في التعرف على المتظاهرين خلال الاحتجاجات ضد النظام الإيراني، وتم نشر كثير من التقارير حول استخدام الأجهزة الأمنية لهذه الكاميرات لهذا الغرض.
في المقابل، ظهرت تقارير حول اختفاء أو فقدان لقطات من كاميرات المراقبة في الملفات القضائية التي كانت الشرطة المشتبه الرئيس فيها.
ومن الأمثلة على ذلك قضية نَفَس حاجي شريف، إحدى الفتاتين اللتين تم تصوير اعتقالهما العنيف على يد "دوريات شرطة الأخلاق" في منتصف أغسطس (آب) الماضي. وأفادت والدة نَفَس بأن مقاطع الفيديو التي تُظهر الاعتداء على ابنتها لم يتم تضمينها في ملف القضية، مشيرة إلى تعرضها للتهديد من قبل قاضي محكمة الأحداث.
وفي 5 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، نشرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) مقطع فيديو يُظهر ما بدا كاعترافات قسرية، حيث أشارت إلى أن القطار الذي كان موجودا في محطة "شهداء" عند فقدان أرميتا وعيها لم يكن مجهزًا بكاميرات مراقبة.
إلا أن بعض المستخدمين، مثل الصحافي بهنام قلي بور، أشاروا إلى أن "أرمیتا كانت في عربة من القطارات الـ1200 التي تحتوي جميعها على كاميرات".
ماذا نعرف عن "سبتام"؟
وتم تطوير نظام "سبتام" من قبل مؤسسة "خدمات الإدارة والتكنولوجيا" الخاصة التابعة لرشد قلمجي، وهو مصمم لمراقبة الأماكن العامة عبر الفيديو، ويوفر خدمات مثل "المراقبة بالفيديو كخدمة شاملة" وحراسة ذكية.
وأحد الأهداف المعلنة لهذا النظام هو مكافحة "مافيا بيع معدات المراقبة غير المطابقة للمعايير"، لكن لم يتضح بعد ما يقصده القائمون على المشروع بهذا المصطلح.
ويعتقد البعض أن الهدف من المشروع هو إلزام المستخدمين بشراء معدات محلية أو معدات تمت الموافقة عليها من قبل السلطات الأمنية الإيرانية.
وقد تم إنشاء هذه المؤسسة في عام 2007، وتضم في مجلس إدارتها محمد قلمجي، ومصطفى قلمجي وفاطمة أميني. وتعتبر شركة "تطوير الاقتصاد الرقمي دانشمند"، التي تأسست في عام 2023، إحدى الشركات التابعة لهذه المؤسسة.
وقد أعلنت هذه الشركة في وقت سابق عن تصميم وبناء أنظمة مراقبة بكاميرات الشبكة (IP)، مدعية أنها تلتزم بالمعايير الدولية.
وليس من الواضح كيف ولماذا تم تكليف هذه المؤسسة الخاصة ظاهريًا بمشروع أمني واجتماعي بهذا الحجم.
ويبدو أن الكثير من الهيئات، مثل "المنظمة الوطنية للمواصفات الإيرانية"، و"شرطة مراقبة الأماكن العامة"، و"هيئة تكنولوجيا المعلومات الإيرانية"، و"منظمة الدفاع المدني" قد شاركت في إعداد وتنفيذ هذا القرار.
الاقتداء بدول أخرى
ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" العام الماضي تقريرًا عن انتشار أدوات المراقبة الجماعية التي كان يُعتقد سابقًا أنها تستخدم بشكل واسع فقط في الصين.
وأفادت بأن الاستخدام المتزايد لهذه التقنيات يشير إلى بدء حقبة تعتمد فيها الشرطة بشكل أكبر على البرمجيات والبيانات بدلاً من الضباط والأسلحة، مما يثير تساؤلات حول تأثير ذلك على الخصوصية وطريقة ممارسة السلطة السياسية.
وصرح دارا موري، أستاذ القانون في جامعة كوين ماري بلندن، قائلاً: "قد يبدو الكثير من أدوات المراقبة غير ضارة أو تُستخدم لتحسين حياة المدينة، لكن الوجه الآخر للعملة هو أن هذه المراقبة يمكن أن توفر نظرة عميقة في الحياة اليومية للأفراد، مما قد يترتب عليه تأثير رادع غير مقصود، أو استخدامه كأداة للقمع الحقيقي".
تحمل تكاليف جديدة
ووفقًا لما ورد على موقع "سبتام"، يتعين على جميع مالكي كاميرات المراقبة في الأماكن العامة التسجيل في النظام، ودفع رسوم التقييم للحصول على التراخيص.
وتختلف الرسوم حسب نوع النشاط التجاري والموافقات المطلوبة، لكن هناك مخاوف من أن يتم استغلال هذا النظام لترويج المنتجات المحلية وتحميل المستخدمين تكاليف استبدال أنظمة المراقبة القديمة.
التحديات والتكاليف
يذكر أن ربط جميع كاميرات المراقبة في البلاد بالخدمات السحابية ليس مهمة سهلة، ويتطلب استثمارات ضخمة وبنية تحتية للاتصالات.
إضافة إلى ذلك، فإن الهجمات الإلكترونية التي طالت المؤسسات الحكومية والعسكرية، وأداء منظمة الدفاع المدني الإيرانية في السنوات الماضية، أثارت مخاوف حول قدرة نظام "سبتام" على حماية البيانات الشخصية والمعلومات الوطنية.